مقالات رأي

الانسان المبدع انسان غاضب

يرى الانسان المبدع عالمه الخارجي المحيط به بعين النقد، يعي قوانينه ويفك شيفراته، لذلك كلما ازداد وعيا بواقع هذا العالم ازداد غضبا وازداد رغبة في الابداع لكسر الحدود والعراقيل الموجودة بفعل الناس والموروث…

يغضب المبدع حينما يرى الظلم يسود في عالمه، يزداد غضبا حينما يرى ان الغضب يبدوا للناس شيئا غير طبيعي، لانهم طبعوا مع الظلم الى درجة يبدوا فيها العدل عدوهم الحقيقي، يتألم المبدع حينما يرى الصمت يسود وحينما يصبح الاحتجاج جريمة، لكنه يعي أن مهمته كمبدع هي الاحتجاج ضد كل واقع مسكون بالبؤس.

المبدع الى جانب الغضب يمتلك أحلاما لا حدود لها، حالم الى حد يتصف بالجنون، بينما الجموع الغفيرة تبقى حبيسة الكليشيهات المألوفة والأفق الضيق، لانها لا ترى في الكون غير حدود أنفها، يحاول انقاذ مجتمعه من جموده هذا وسكونه، كي يتشاركوا معه حلمه الفسيح، لكن لا يجد الا ناذرا اي صدى لافكاره، ومن هنا يتكون وعيه الشقي، هذا الوعي الشقي هو تعبير عن الهوة الكبيرة بين ما يسكن خيال المبدع، اي مشروعه العميق، وبين الواقع الذي يأبى ان يرتفع.

في المجتمعات المتخلفة يتشرب الانسان الظلم حينما يتربى على رفض الاخر وقمعه و استبعاده، حينما يحتقر انسان امامه ويتصرف ابواه كأن شيئا لا يحدث، فانه يتعود على الظلم بل قد يشارك فيه.

اما صناعة المبدع فتحتاج الى الري والماء، فالابداع كالبذرة، بحاجة الى الماء، وهو عبارة عن حب العدل والحرية والذوق الجمالي، كل فرد يولد وهو بحاجة الى كل تلك القيم، وبحاجة ايضا بعدها ان يعي ان كل الناس مثله، لذلك عليه ان يتربى على الاخر يحتاج الى العدل، ويستحق الحرية وله اختياراته.

الابداع منارة للمجتمع، والانسان الغاضب المبدع يحاول ابثاءها مضيئة ولو في ليل البؤس الحالك. يحاول قدر امكانه محاصرة الظلام ودفعه بعيدا عن النفوس، ولو ان هذه الاخيرة قد تعاديه، فكما قال نيتشه : الناس يخشون الحقيقة لانهم يخشون من اوهامهم ان تتحطم. والغاضب يبحث عن الحقيقة لا عما يرضي الناس.

محمد هروان

Lorem ipsum dolor sit amet, consectetur adipiscing elit. Ut elit tellus, luctus nec ullamcorper mattis, pulvinar dapibus leo.

Lorem ipsum dolor sit amet, consectetur adipiscing elit. Ut elit tellus, luctus nec ullamcorper mattis, pulvinar dapibus leo.

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى